السلام عليكم
انها قصيدته المشهوره, الغنيه عن التعريف, التي يمتزج فيها لون اليأس الداكن مع طعم الامل الحُلو و مرارة الم البعد و الغربة, و التي يجمع فيها محادثته لعزيزَيه: وطنه و حبيبته.
غريب على الخليج
الريح تلهث بالهجيرة كالجثام على الأصيل
وعلى القلوع تظل تطوي أو تنشر للرحيل
وعلى الرمال على الخليج
جلس الغريب يسرع البصر المحير في الخليج
ويهد أعمدة الضياء بما يصعد من نشيج
"أعلى من العباب يهدر رغوه ومن الضجيج
صوت تفجر في قرارة نفسي الثكلى: عراق،
كالمد يصعد كالسحابة كالدموع إلى العيون
الريح تصرخ بي: عراق،
والموج يعول بي: عراق، عراق، ليس سوى عراق!
البحر أوسع ما يكون وأنت أبعد ما تكون
والبحر دونك يا عراق.
بالأمس حين مررت بالمقهى، سمعتك يا عراق...
وكنت دورة أسطوانة
هي دورة الأفلاك من عمري، تكور لي زمانه
في لحظتين من الزمان، وإن تكن فقدت مكانه.
هي وجه أمي في الظلام
وصوتها، يتزلقان مع الروي حتى أنام،
وهي النخيل أخاف منه إذا ادلهم مع الغروب
فاكتظ بالأشباح تخطف كل طفل لا يؤوب
من الدروب،
أحببت فيك عراق روحي أو حببتك أنت فيه،
يا أنتما مصباح روحي أنتما - وأتى المساء
والليل أطبق فلتشعا في دجاه فلا أتيه.
لو جئت في البلد الغريب إلى ما كمل اللقاء!
الملتقى بك والعراق على يدي... هو اللقاء!
شوق يخض دمي إليه كأن كل دمي اشتهاء
جوع إلهي كجوع كل دم الغريق إلى الهواء.
شوق الجنين إذا اشرأب من الظلام إلى الولاده!
إني لأعجب كيف يمكن أن يخون الخائنون!
أيخون إنسان بلاده؟
إن خان معنى أن يكون فكيف يمكن أن يكون؟
الشمس أجمل في بلادي من سواها، والظلام
- حتى الظلام - هناك أجمل فهو يحتضن العراق
واحسرتاه متى أنام
فأحس أن على الوسادة
من ليلك الصيفي طلا فيه عطرك يا عراق؟
بين القرى المتهيبات خطاي والمدن الغريبه
غنيت تربتك الحبيبه،
وحملتها فأنا المسيح يجر في المنفى صليبه،
فسمعت وقع خطى الجياع تسير، تدمي من عثار
فتذر في عيني، منك ومن مناسمها غبار.
ما زلت أضرب مترب القدمين أشعت، في الدروب
تحت الشموس الأجنبيه،
متخافق الأطمار أبسط بالسؤال يدا نديه
صفراء من ذل وحمى ذل شحاذ غريب
بين العيون الأجنبيه،
بين احتقار وانتهار وازورار... أو "خطيه"
والموت أهون من "خطيه"،
من ذلك الإشفاق تعصره العيون الأجنبيه
قطرات ماء.... معدنيه!
فلتنطفي، يا أنت، يا قطرات، يا دم، يا ... نقود،
يا ريح، يا إبرا تخيط لي الشراع - متى أعود
إلى العراق. متى أعود؟
أتراه يأزفن قبل موتى، ذلك اليوم السعيد؟
سأفيق في ذاك الصباح، وفي السماء من السحاب
كسر، وفي النسمات برد مشبع بعطور آب،
وأزيح بالثوباء بقيا من نعاسي كالحجاب
من الحرير يشف عما لا يبين وما يبين:
عما نسيت وكدت لا أنسى، وشك في يقين.
ويضيء لي - وأنا أمد يدي لألبس من ثيابي -
ما كنت أبحث عنه في عتمات نفسي من جواب
لم يملأ الفرح الخفي شعاب نفسي كالضباب؟
اليوم - واندفق السرور على يفجأني - أعود!
واحسرتاه.. فلن أعود إلى العراق!
وهل يعود
من كان تعوزه النقود؟ وكيف تدخر النقود
وأنت تأكل إذ تجوع؟ وأنت تنفق ما يجود
به الكرام، على الطعام؟
لتبكين على العراق
فما لديك سوى الدموع
وسوى انتظارك دون جدوى للرياح وللقلوع!
......................( مع التصريف )