انها من اجمل القصائد التي قرأتها للسياب(علما اني لم اقرأ له الكثير) ... اهديها لكل من يتألم قلبه من مصيبة حلت به ليتدبر فيها عسى ان ينقلب من شاكٍ الى شاكر.
سفر ايوب
((أصيب الشاعر بمرض السل الرئوي في الخمسينات حتى إذا تفاقم عليه المرض ـ الذي كان من الأمراض الصعبة العلاج آنذاك ـ توجه إلى لندن لغرض العلاج، وقد أبدع قلمه بالأبيات المدوّنة أدناه وهو على سرير المستشفى ))
لك الحمد مهما استطال البلاء
ومهما استبدّ الألم،
لك الحمد، إن الرزايا عطاء
وان المصيبات بعض الكرم
ألم تُعطني أنت هذا الظلام
وأعطيتني أنت هذا السّحر؟
فهل تشكرالأرض قطر المطر
وتغضب إن لم يجدها الغمام؟
شهورطوال وهذي الجراح
تمزّق جنبي مثل المدى
ولا يهدأ الداء عند الصباح
ولا يمسح اللّيل أوجاعه بالردى.
ولكنّ أيّوب إن صاح صاح:
«لك الحمد، ان الرزايا ندى،
وإنّ الجراح هدايا الحبيب
أضمّ إلى الصّدر باقتها،
هداياك في خافقي لا تغيب،
هداياك مقبولة. هاتها!»
أشد جراحي وأهتف
بالعائدين:
«ألا فانظروا واحسدوني،
فهذى هدايا حبيبي
وإن مسّت النار حرّ الجبين
توهّمتُها قُبلة منك مجبولة من لهيب.
جميل هوالسّهدُ أرعى سماك
بعينيّ حتى تغيب النجوم
ويلمس شبّاك داري سناك.
جميل هوالليل: أصداء بوم
وأبواق سيارة من بعيد
وآهاتُ مرضى، وأم تُعيد
أساطير آبائها للوليد.
وغابات ليل السُّهاد، الغيوم
تحجّب ُوجه السماء
وتجلوه تحت القمر.
وإن صاح أيوب كان النداء:
«لك الحمد يا رامياً بالقدر
وياكاتباً، بعد ذاك، الشّفاء!»