السلام على الحسين وعلى علي ابن الحسين وعلى اولاد الحسين وعلى اصحاب الحسين
أما إباؤه للضيم ومقاومته للظلم واستهانته القتل في سبيل الحق والعز فقدضربت به الأمثال وسارت به الركبان وملئت به المؤلفات وخطبت به الخطباءونظمته الشعراء وكان قدوة لكل أبي ومثالا يحتذيه كل ذي نفس عالية وهمةسامية ومنوالا ينسج عليه أهل الإباء في كل عصر وزمان وطريقا يسلكه كل منأبت نفسه الرضا بالدنية وتحمل الذل والخنوع للظلم، وقد أتى الحسين في ذلكبما حير العقول وأذهل الألباب وأدهش النفوس وملأ القلوب وأعيا الأمم عن أنيشاركه مشارك فيه وأعجز العالم أن يشابهه أحد في ذلك أو يضاهيه وأعجب بهأهل كل عصر وبقي ذكره خالدا ما بقي الدهر، أبى أن يبايع يزيد بن معاوية.قد بليت الأمة براع مثل يزيد، ولأخيه محمد بن الحنفية : والله لو لم يكنفي الدنيا ملجأ ولا مأوى لما بايعت يزيد بن معاوية، في حين أنه لو بايعهلنال من الدنيا الحظ الأوفر والنصيب الأوفى ولكان معظما محترما عنده مرعيالجانب محفوظ المقام لا يرد له طلب ولا تخالف له إرادة لما كان يعلمه يزيدمن مكانته بين المسلمين وما كان يتخوفه من مخالفته له وما سبق من تحذيرأبيه معاوية له من الحسين فكان يبذل في إرضائه كل رخيص وغال، ولكنه أبىالانقياد له قائلا: إنا أهل بيت النبوة ومعدن الرسالة ومختلف الملائكة بنافتح الله وبنا ختم , فخرج من المدينة بأهل بيته وعياله وأولاده، ملازماللطريق الأعظم لا يحيد عنه، فقال له أهل بيته: لو تنكبته كما فعل ابنالزبير كيلا يلحقك الطلب ، فأبت نفسه أن يظهر خوفا أو عجزا وقال: والله لاأفارقه حتى يقضي الله ما هو قاض، ولما قال له الحر : أذكرك الله في نفسكفإني أشهد لئن قاتلت لتقتلن، أجابه الحسين مظهرا له استهانة الموت في سبيلالحق ونيل العز، فقال له:" أ فبالموت تخوفني وهل يعدو بكم الخطب أنتقتلوني، وسأقول كما قال أخو الأوس وهو يريد نصرة رسول الله صلى الله عليهوآله فخوفه ابن عمه" وقال: "أين تذهب فإنك مقتول": فقال: سأمضي وما بالموتعار على الفتى إذا ما نوى حقا وجاهد مسلما أقدم نفسي لا أريد بقاءها لتلقيخميسا في الوغى وعرمرما فإن عشت لم أندم وإن مت لم ألم كفى بك ذلا أن تعيشفترغما يقول الحسين : ليس شأني شأن من يخاف الموت ما أهون الموت علي فيسبيل نيل العز وإحياء الحق ليس الموت في سبيل العز إلا حياة خالدة، وليستالحياة مع الذل إلا الموت الذي لا حياة معه، أ فبالموت تخوفني هيهات طاشسهمك وخاب ظنك لست أخاف الموت إن نفسي لأكبر من ذلك وهمتي لأعلى من أنأحمل الضيم خوفا من الموت وهل تقدرون على أكثر من قتلي مرحبا بالقتل فيسبيل الله ولكنكم لا تقدرون على هدم مجدي ومحو عزي وشرفي فإذا لا أباليبالقتل.و هو القائل: موت في عز خير من حياة ذل.